قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاثنين إن “غزة أرض فلسطينية للفلسطينيين وستبقى كذلك إلى الأبد” في تعليقه على الحرب المدمّرة التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزة منذ نحو شهرين ومحاولات التهجير التي تمارسها.
جاء ذلك في كلمة بافتتاح الجلسة الوزارية 39 للجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري لمنظمة التعاون الإسلامي بإسطنبول.
وفي مستهل كلمته، حيّا الرئيس أردوغان الفلسطينيين المتمسّكين بالدفاع عن وطنهم رغم الهجمات الإسرائيلية غير الأخلاقية.
وأكّد على أن تعاون العالم الإسلامي يحمل أهمية متزايدة في هذه الأيام، التي تُرتكب فيها وحشية كبيرة على الأراضي الفلسطينية المحتلة لا سيما في غزة.
ولفت إلى أن مجازر إسرائيل التي بدأت في 7 أكتوبر/تشرين أول الماضي تسارعت مجدّداً مطلع الشهر الجاري (نوفمبر/تشرين ثاني) بعد انقطاع لمدة 7 أيام بسبب الهدنة المؤقّتة لتبادل الأسرى.
وأشار الرئيس أردوغان إلى سقوط أكثر من 16 ألف شهيد وأكثر من 36 ألف جريح في الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت المدنيين والتجمّعات السكنية المدنية، وأضاف: “أسأل الله الرحمة لشهدائنا والشفاء العاجل لإخواننا الجرحى”.
وذكر الرئيس التركي أن “اثنان من كل ثلاثة شهداء في غزة أطفال ورضّع ونساء، وعدد المفقودين بقطاع غزة تجاوز 6 آلاف و500”.
وأشار إلى أن بين ضحايا الظلم الإسرائيلي 73 صحفياً وأكثر من 100 من موظفي الأمم المتحدة.
-اعلان-
ولفت إلى أن المشهد مأساوي لدرجة أن الأمم المتحدة التي تأسّست لحفظ الأمن والسلم العالميين غير قادرة حتى حماية على موظفيها من همجية إسرائيل.
كما أشار إلى أن “حالة العجز التي وقعت فيها القوى التي تدافع عن حقوق الإنسان والحرّيات من أوروبا إلى أميركا أسوأ من ذلك”.
وتابع: “هذه الدول تقدّم دعماً غير مشروط لإسرائيل وكأنها تشجّعها على قتل مزيد من الأطفال وقصف المستشفيات والمدارس والمنازل وإراقة مزيد من دماء الأبرياء”.
وأشار إلى أن الذين يحاولون تمرير مقتل هذا العدد الكبير من الأبرياء في غزة وإضفاء الشرعية عليه بذريعة وجود حركة “حماس” لم يعد لديهم كلمة واحدة يقولونها للإنسانية.
وأضاف: “من جانب هناك 121 دولة (بالأمم المتحدة) قالت: لتتوقّف الحرب (على غزة) ولا نريد إراقة دماء أكثر، ومن جانب آخر هناك 3 إلى 5 دول أعطت تفويضاً مفتوحاً لهجمات إسرائيل”.
ونوّه الرئيس أردوغان بأن “منظمة التعاون الإسلامي التي تأسّست بهدف الدفاع عن القضية الفلسطينية توفّر لنا أرضية مهمة للنضال بصوت واحد وجسد واحد”.
وشدّد على أن تركيا لن تسمح بنسيان مسألة الأسلحة النووية التي أقرّت إسرائيل بامتلاكها، مؤكدا أن غزة بمثابة اختبار حقيقي للنظام العالمي.
وأكّد أن ما حدث منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر أظهر الوجه الحقيقي للعديد من المؤسّسات، انطلاقاً من المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان وصولاً إلى الديمقراطيات الغربية والشركات العالمية.
-اعلان-
وصرّح بأن الأمم المتحدة فشلت مؤسّساتياً في اختبار غزة، وقال: “للأسف تم إجهاض الجهود المخلصة للأمين العام السيد (أنطونيو) غوتيريش من قبل أعضاء مجلس الأمن أنفسهم”.
لصوصية إسرائيل
وذكر أردوغان أن العالم الإسلامي أظهر موقفه من القضية الفلسطينية من خلال القمة المشتركة الاستثنائية التي عقدت في الرياض مع الجامعة العربية.
وأشار إلى أنهم اتخذوا قرارات تاريخية حقاً في القمة، وخاصة تعريف المستوطنين المحتلين بصفتهم “إرهابيين” لأول مرة.
وقال الرئيس أردوغان: “بجانب صفتها كقاتلة بدأ الآن يتم الحديث عن لصوصية إسرائيل أكثر فأكثر في الساحة الدولية”.
ولفت إلى أن مجموعة الاتصال لوزراء الخارجية التي تم تشكيلها في نطاق القمة العربية الإسلامية في الرياض عقدت اجتماعات في بلدان مختلفة، وستواصل الاجتماعات والمحادثات حتى تتوقّف إراقة الدماء في غزة.
وشدّد أردوغان على ضرورة اتخاذ خطوات أخرى، وقال إن محاسبة المسؤولين الإسرائيليين على جرائم الحرب التي ارتكبوها هي إحدى هذه الخطوات.
وشدّد على ضرورة تفعيل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية في هذا السياق.
ووصف الرئيس أردوغان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ “جزّار غزة”.
وأضاف قائلاً: “نتنياهو سيحاكم حتماً كجزّار غزة وليس كمجرم حرب فقط، تماماً كما حوكم (الرئيس اليوغسلافي السابق سلوبودان) ميلوسيفيتش” عن مذابح البوسنة.
-اعلان-
وأكّد أنه يتوجّب من الآن البدء في الاستعدادات لإعادة إعمار قطاع غزة الذي دمّرته الحرب الإسرائيلية.
وتابع: “يجب علينا أن نتخذ موقفاً واضحاً وصريحاً ضد سياسات إسرائيل المتعلّقة بإخلاء قطاع غزة من سكّانه”.
وأضاف: “هنا أود أن أذكّر مرة أخرى المسؤولين الإسرائيليين الذين لديهم طموحات مختلفة بهذه الحقيقة، غزة أرض فلسطينية، غزة للفلسطينيين؛ وستبقى كذلك للأبد”.
وأردف: “واجب على عاتقنا جميعاً كعالم إسلامي ألا نترك ولو شبراً واحداً من أراضي غزة لدولة الاحتلال إسرائيل”.
وتابع: “يجب علينا أن نفعل ذلك ليس فقط من أجل إخواننا في غزة وبقية الفلسطينيين، ولكن من أجل أمننا وسلامة أراضينا أيضاً”.
وأضاف: “نحن نعلم جيداً أن من يحتلون غزة اليوم سيوجّهون أنظارهم إلى أماكن أخرى غداً بهذيان أرض الميعاد”.
ومضى قائلاً: “جزّار غزة نتنياهو اعترف بنفسه أمام الكاميرات بأن القضية ليست غزة أو رام الله وإنما يسعى وراء أهداف توسّعية”.
وتابع: “لذلك فإن الدفاع عن غزة وعن فلسطين اليوم يعني في الوقت نفسه الدفاع عن القدس ومكة والمدينة وعن إسطنبول ودمشق وبيروت وبغداد وغيرها من المدن الإسلامية”.
وشدّد الرئيس أردوغان على أهمية أن يتحرّك العالم الاسلامي على قلب رجل واحد.
-اعلان-
وأضاف: “إذا تحرّكنا بوعي أننا عائلة كبيرة تضم ملياري فرد من آسيا إلى أفريقيا ومن أمريكا إلى أوروبا، فلن يتمكّن أحد من تهديدنا”.
وأكّد أنه أصبح من الأهمية بمكان زيادة التضامن مع الشعب الفلسطيني، خاصة في هذه الأيام الصعبة التي يمر بها الأشقاء الفلسطينيون.
ونوّه الرئيس أردوغان أن تركيا وبجانب جهودها الدولية تحاول إيصال المساعدات الإنسانية إلى المنطقة (لسكّان قطاع غزة) الذي يتعرّض لحصار إسرائيلي خانق.
وقال: “بالتعاون مع الأشقاء المصريين أرسلت تركيا حتى الآن 12 طائرة محمّلة بالمساعدات إلى مصر وسفينتي مساعدات إلى العريش المصرية”.
وأشار إلى أن تركيا قامت بإحضار مرضى ومصابين من قطاع غزة وخاصة مرضى السرطان والأطفال لمعالجتهم على أراضيها.
وأضاف: “لقد قمت شخصياً بزيارة هؤلاء المرضى وشاطرناهم آلامهم نيابةً عن بلدنا وأمتنا”.
وأكّد أردوغان أنه مع الأحداث الأخيرة ظهر مرة أخرى مدى أهمية إنشاء دولة فلسطينية مستقلة ذات السيادة ومتكاملة جغرافياً وعاصمتها القدس على حدود عام 1967، وجدّد استعداد تركيا لتحمّل أي مسؤولية في سبيل السلام في الشرق الأوسط.
وقال: “الطريق إلى السلام في منطقتنا يمر عبر إقامة دولة فلسطين، ومستعدون لتحمّل جميع المسؤوليات مع الدول الأخرى ومنها المشاركة بآلية الضامنين لتحقيق السلام”.