على الرغم من كل المعارضة, بدأ مشروع قناة اسطنبول, ووعدت الحكومة التركية بسداد تكاليف إنشاءها من خلال الرسوم والإيرادات الأخرى خلال الـ 12 عاماً الأولى من البناء بالكامل.
-اعلان-
وبحسب وكالات الأنباء المحلية, فإن إنشاء قناة إسطنبول كمعبر جديد بين البحر الأسود ومرمرة المتوسط أصبح قضية حيوية وأحد المشاريع الكبرى لحكومة أردوغان.
لم تعلق أنقرة بعد على تمويل المشروع, لكن يُقال إن الحكومة دخلت في مفاوضات مع العديد من مجموعات الاستثمار الأجنبي.
تشعر بعض أحزاب المعارضة لأردوغان بالقلق من الجوانب الريعية للمشروع, بينما يلفت البعض الآخر, انتباه الحكومة إلى الاحتياجات الملحة لهذا المشروع الضخم.
وقال تمل كاراملا أوغلو زعيم حزب السعادة “نقول للحكومة بلغة واضحة لا لبس فيها أن البلاد لا تحتاج حالياً للطرق السريعة والأنفاق ومشاريع البناء الضخمة والمطارات وما شابه”.
“ما يجب أن يكون على رأس أولويات الحكومة هو الاهتمام بالظروف المعيشية للشعب ومحاربة الفقر وحل مشاكل ملايين الشباب في هذا البلد, ومعظمهم من الخريجين والمهارايين ولكن ليس لديهم وظائف خاصة”.
-اعلان-
استعادة التكاليف خلال 12 عام
يعتقد النقاد والمعارضون السياسيون لأردوغان أن مجموعة من العواقب البيئية والتداعيات القانونية لاتفاقية مونترو التي تجعل من قناة إسطنبول تحدياً خطيراً.
إقرأ أيضاً: أردوغان: مشروع قناة اسطنبول ليس له علاقة باتفاقية مونترو
بالإضافة إلى أنها تخلق آلاف فرص الإيجار الضخمة التي تدر أرباحاً بمليارات الدولارات. وستكون هي الدخل لمجموعة معينة تابعة للحزب الحاكم.
لكن رغم كل المعارضة, بدأ مشروع قناة اسطنبول, ووعدت الحكومة التركية بسداد تكاليف أنشاء القناة من رسوم العبور والعائدات الأخرى خلال الـ 12 عاماً الأولى.
يبلغ طول قناة اسطنبول 45 كم وعمقها 20 متراً, 78٪ منها ممر مائي طبيعي والباقي 22٪ سيتطلب أعمال حفر.
أعلنت وزارة النقل والاتصالات التركية أنها تشاورت مع 200 عالم وخبير في مجال المياه والبيئة وتلقت تعليقاتهم الإيجابية.
-اعلان-
من السويس إلى اسطنبول
أصبحت التجارة والنقل البحري أكثر أهمية لتركيا, ومن المهم لحكومات البلاد أن تمتلك قناة بحجم قناة بنما أو قناة السويس.
تدر قناة السويس, عائدات ضخمة لمصر, وتعتزم تركيا تحقيق هذه الإيرادات.
ومن المثير للاهتمام أن هدف تركيا من إنشاء قناة اسطنبول الجديدة هو أن حكومة أردوغان ليست مستوحاة من الموقع الجغرافي والاقتصادي لقناة السويس المصرية فحسب, بل تعتزم أيضاً استخدام نصيحة شركة السويس للتعمير لبناء القناة.
لماذا تعتبر السويس مهمة لتركيا؟
لطالما كانت مصر العربية أرضاً مهمة للحكومات الإسلامية, وكانت في أيدي الخلفاء الأمويين والعباسيين والفاطميين حتى عام 1517, وعندما وصلت الإمبراطورية العثمانية إلى السلطة.
في عام 1798, غزا نابليون مصر وفي عام 1805, حكم محمد علي باشا من قبل الحكومة العثمانية.
تشير الإشارات إلى مراسلات المحاكم ومذكرات السفراء والسياسيين العثمانيين في ذلك الوقت إلى أن مصر كانت دائماً ذات أهمية كبيرة للمحكمة العثمانية, ولاحقاً أصبحت قناة السويس مهمة جداً للبلاط العثماني والتجار الأتراك.
قناة السويس ليست ظاهرة جغرافية طبيعية, لكنها ممر مائي من صنع الإنسان بطول 198 كيلومتراً يمتد من ميناء سعيد المصري بالبحر الأبيض المتوسط إلى مدينة السويس على السواحل الشمالية لخليج السويس.
تفصل هذه القناة معظم مصر عن شبه جزيرة سيناء.
استغرق إنشاء هذا الممر المائي 10 سنوات وتاريخ افتتاحه الرسمي كان في 17 نوفمبر 1869.
تربط هذه القناة البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر والمحيط الهندي.
-اعلان-
قناة السويس هي اختصار للسفن والقوارب التي تمر عبر الموانئ الأوروبية والأمريكية إلى موانئ جنوب شرق آسيا وشرق إفريقيا وأوقيانوسيا. مما يؤدي إلى اختصار الطريق.
تعد قناة السويس حالياً أسرع طريق ملاحي بين أوروبا وآسيا. حيث تشير التقديرات إلى أن حوالي 7 ٪ من إجمالي التجارة البحرية في العالم يتم عبر هذه القناة.
وبالتالي, فإن الإيرادات من الرسوم هي أحد المصادر الرئيسية لإيرادات مصر من النقد الأجنبي, حيث تتلقى الحكومة المصرية منها أكبر قدر من الأموال بعد الأهرامات الثلاثة.
ما بين 18,000 و 20,000 سفينة تمر عبر السويس سنوياً, وتتلقى الحكومة المصرية ما يقرب من 7 مليارات دولار مقابل عبور هذه السفن.
هل السويس تضاهي اسطنبول؟
هناك اختلافات جدية ومهمة للغاية بين قناة السويس وقناة اسطنبول.
قناة السويس هي ملتقى حيوي بين آسيا وأوروبا يمتد من البحر الأبيض المتوسط الشاسع إلى البحر الأحمر وأوقيانوسيا.
لكن موقع قناة اسطنبول المائية هو مجرد ملتقى جديد بين البحر الأسود وبحر مرمرة ومن هناك إلى البحر الأبيض المتوسط وبحر إيجة.
وبالتالي, يمكن للمرء أن يرى حقيقة أن قناة إسطنبول لا يمكن مقارنتها بالسويس من حيث الأهمية الجيوستراتيجية وحجم الممر التجاري.
إقرأ أيضاً: تركيا تدرك أهمية مشروع قناة اسطنبول بعد حادثة قناة السويس
أعلن وزير النقل والمواصلات التركي عادل قره إسماعيل أوغلو أن مجموعة من الاستشاريين والخبراء تحت إمرته ستتواصل وتتشاور مع شركة إنشاء قناة السويس.
يرى وزير النقل والاتصالات التركي أن مبلغ 15 مليار دولار اللازم لتمويل مشروع قناة اسطنبول لن يكون عبئاً جديداً على الميزانية الوطنية التركية.
-اعلان-
كما يعتقد عادل قره إسماعيل أوغلو أن تركيا يجب أن تحصل على موطئ قدم حقيقي في النقل البحري والتجارة.
وقال “في كل عام, يتم نقل 12 مليار طن من البضائع في بحار العالم, منها 1.7 مليار طن فقط لحوض البحر الأسود”.
بحلول عام 2030, سيصل حجم النقل البحري إلى 25 مليار طن و 3.5 مليار طن ستكون حصة البحر الأسود.
لذلك, نحن, بصفتنا تركيا, كنقطة اتصال بين البحر الأسود والعالم الخارجي, يجب أن نعد أنفسنا لعام 2030.
علينا التأكد من مرور 3.5 مليار طن من البضائع العالمية عبر اسطنبول.
“في عالم يتم فيه 90 بالمائة من التجارة عن طريق البحر, تعتبر الممرات البحرية مهمة, ويجب أن تجد اسطنبول مكانها”.
-اعلان-
أخيراً, تجدر الإشارة إلى أنه في السنوات الأخيرة, تم خلق جو في تركيا حيث أصبحت معظم القضايا الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة والصغيرة أوراقاً مهمة للألعاب السياسية والحزبية.
على ما يبدو, قناة إسطنبول ليست استثناء من هذه القاعدة.
لأنه من المتوقع أن يتزامن الانتهاء من هذا المشروع مع حدثين سياسيين مهمين, أحدهما عشية انتخابات 2023 والآخر فرصة لتحقيق أهداف وثيقة تنمية تركيا 2023.