أصبح دعم حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا والسياسيين المقربين من خطاب حزب العدالة والتنمية هدفاً استراتيجياً لتركيا.
لكن لا يزال من غير الواضح كيف سيبدو توزيع السلطة في المستقبل والهيكل السياسي في البلاد.
-اعلان-
وبحسب وكالات الأنباء العالمية, فإن اهتمام تركيا الخاص ونهجها للجغرافيا السياسية لليبيا في إفريقيا وشرق المتوسط مستمران, وكان الليبيون ضيوفاً على تركيا للمرة الثانية خلال العامين الماضيين.
عقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اجتماعا استمر ساعتين مع الرئيس الليبي محمد يونس المنفي والوفد المرافق له في اسطنبول أمس.
وحضر اللقاء وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو والناطق باسم الرئاسة التركية ابراهيم كالن.
أردوغان الذي سبق أن وضع حجر الأساس لفايز السراج, رفع البروتوكول إلى مستوى أعلى بالنسبة له, ورفع العلم الليبي عند مدخل قصر وحدة الدين.
تركيا وليبيا وعامل السيسي
يشير تحليل أجرته The Arab Weekly إلى أن هزيمة المشير خليفة حفتر في احتلال طرابلس, وكذلك الهزيمة السياسية لعقيلة صالح, تسببت في قلب الرئيس المصري الفريق عبد الفتاح السيسي بشكل تدريجي.
لن يكون لحفتر مكانة بارزة في ليبيا في المستقبل ويجب أن يتصالح مع الحكومة المؤقتة من أجل الحفاظ على الاستقرار في ليبيا.
لكن في غضون ذلك, إلى أي مدى ستتأثر العلاقات التركية المصرية بهذا الوضع؟
ورداً على ذلك, تجدر الإشارة إلى أنه تم إحراز تقدم ملموس في الأسابيع الأخيرة في تطبيع العلاقات بين أنقرة والقاهرة, ويبدو أن تخفيف التوترات بين تركيا ومصر سيؤثر بشكل مباشر على الحالة الليبية وربما على البلدين.
مثلما احترموا بعضهم البعض في مسألة تحديد الأراضي البحرية القارية, سيصلون إلى نقطة في ليبيا حيث سيكون لكل منهم نصيب معقول من الكعكة ولن يدفعوا بعضهم البعض.
وكان عبد الفتاح السيسي قد رفض في السابق الحديث عن ليبيا مع أي شخص آخر غير عقيلة صالح واللواء حفتر.
ولكن في وسط التغيير في موقف القاهرة, يكفي أن يتحدث السيسي إلى محمد النجفي هاتفياً وشخصياً. ليعلم أنه أقام علاقات جيدة مع تركيا.
-اعلان-
الطريق إلى الأمام والانتخابات الليبية والوضع في تركيا
قبل أقل من شهرين, في تصويت أجرته جمعية الحوار السياسي الليبي لانتخاب مسؤولي الحكومة المؤقتة.
انتخب محمد منفي رئيساً وانتخب عبد الحميد دبيب رئيساً جديداً للوزراء في الحكومة الليبية المؤقتة.
ومع ذلك, ووفقاً لاتفاق جميع المجموعات, سيعمل محمد منفي وعبد الحميد دبيب كرئيس ورئيس للوزراء حتى 24 ديسمبر 2021.
وستجري الأحزاب انتخابات رئاسية وعامة في هذا ليبيا في 24 ديسمبر 2021.
وعليه, أمام الفريق الحالي 8 أشهر لتثبيت وضعه, وبعد ذلك يجب توضيح مهمة السلطة في مجال رفع الأثقال والحملة الانتخابية.
نظراً لتعقيدات البنية القبلية للمجتمع الليبي وتدخل العديد من الجهات الفاعلة الإقليمية وغير الإقليمية, ليس من الممكن التنبؤ من الآن فصاعداً إلى أي مدى سيكون الجو الليبي ملائماً لوجود عسكري تركي.
-اعلان-
لكن يمكن للمرء أن يأخذ في الاعتبار حقيقة أن وجود تركيا ونفوذها سيكونان نتيجة لعدة عوامل مهمة, من أهمها منافسة القوى الدولية.
بالنظر إلى أن فريق جو بايدن لم يتخذ بعد قراراً محدداً بشأن ليبيا وأن الناتو التزم الصمت حيال ذلك, فليس من الواضح بعد ما سيكون موقف واشنطن بشأن زيادة قوة روسيا وتركيا في ليبيا.
وفي الوقت نفسه, هناك عامل إقليمي مهم آخر يمكن أن يؤثر على موقف تركيا في ليبيا وهو العلاقات المستقبلية بين أنقرة والقاهرة.
إذا استمرت المحادثات بين السلطات الدبلوماسية في مصر وتركيا, وتحرك الجانبان نحو تطبيع العلاقات, فسيتم تمهيد الطريق أمام فريق أردوغان ليكون له موقع أفضل في ليبيا.
عامل آخر مهم ومؤثر في مستقبل ليبيا هو نتيجة مسودة اجتماعات الدستور الليبي, التي استضافتها تونس ومصر عدة مرات.
والغرض الأساسي منها صياغة قانون بشأن الانتخابات والاستفتاءات والمنافسة السياسية في 24 ديسمبر هذا العام ستكون مهمة وحاسمة للغاية.
من الواضح في موضوع صياغة الدستور أن مصر تتمتع بمزايا الاستضافة والهوية العربية, ولا يمكن لتركيا أن تأمل في تحقيق النتائج المرجوة في هذا المجال بقدر مصر.
ومع ذلك, فإن تركيا لديها خبرة في الساحة السورية ومحادثات جنيف وجهود لإصلاح الدستور السوري, وتحاول الحصول على حصة أكبر من هيكل ليبيا المستقبلي.
لأنه في جميع مناطق البحر الأبيض المتوسط الثلاث والعربية والأفريقية, من أجل الحفاظ على المصالح وتوسيع نفوذها, تعتبر أرض ليبيا أرضاً مهمة واستراتيجية.
بالطبع, تقف تركيا إلى جانب ليبيا, ليس فقط مع جهات فاعلة مثل روسيا والولايات المتحدة ومصر, ولكن أيضاً مع الاتحاد الأوروبي, وقد أدت المنافسة مع جهة فاعلة مهمة تُدعى فرنسا إلى توترات عدة بين أنقرة وباريس.
لذلك, فإن القضية الليبية هي قضية حساسة ومتعددة الأوجه بالنسبة لتركيا, وتشير الأدلة إلى أن تركيا ستنفق المزيد من الوقت والطاقة في إدارة هذه القضية في المستقبل.
ونظراً لتعدد الجهات الفاعلة, يبدو من غير المرجح أن الحصول على راحة البال في المدى المتوسط.
-اعلان-